الأحد، 31 يناير 2016

المملكة الشمالية ( مملكة إسرائيل حتى عصر السبى)

المملكة الشمالية
                             مملكة إسرائيل حتى عصر السبى

إضافة تسمية توضيحية
 المملكة الإسرائيلية الشمالية منذ عهد يربعام بن نباط عندما إستقلت عن المملكة الجنوبية ، ويلاحظ موقع عاصمتها "السامرة" وأنه كان يحيط بها الفينيقيون الأشوريون شمالآ والآراميون من جهة الشمال الشرقى والعمونيون شرقآ والموآبيون ومملكة يهوذا والفلسطينيون جنوبآ والبحر الكبير أو البحر المتوسط غربآ  تسبب"يربعام بن نباط"فى إنقسام المملكة،ونحن نلاحظ من سيرة حياته فى سفر مـــلوك الأول 11 : 26 – 40 أنه كان موكلآ بواسطة سليمان على كل أعمال سبطى يوسف(منسى وإفرايم). وكان جبارآ له شخصية قيادية،وإختلف مع سليمان بخصوص تحصينات القلعة التى قام  ببنائها "سليمان"لحماية مدينة داود،وعصاه،بل تمرد عليه،فقابله النبى"أخيا الشــيلونى"الذى تنبأ له بأنه سيملك عشرة أجزاء من مملكة إسرائيل ذات الإثنى عشر قسمآ،فلما طارده"سليمان"لجـــأ إلى"شيشق"ملك وفرعون مصر الأمازيغى،وكان الفرعون شغوفآ بإثارة القلاقـــــــــل فى الأمم المجاورة لكى يستتب سلطانه،والعجيب أنه كان والد"زوجة سليمان"وأنه كان على علاقــــــــة طيبة معه،ولكن بوفاة"سليمان"،وبتولى"رحبعام"ابنه العرش،وأمه كانت عمونية واســــــمها "نعمة"،وكان نسيبآ لملوك"آرام"،فلم يكن إختيار الشعب لرحبعام يجد قبولآ عند"شــــيشق"، نسيب"سليمان"السابق،وكان يدبر لمملكة إسرائيل الخطط لتكون متوافقة مع سياسته،فــــــــقد إستضاف"يربعام"عندما عصى سليمان،كما إستضاف "هدد الأدومى" الذى إختصم"سليمان" كذلك من ذى قبل، وقام بتزويجه لأخت زوجته"تحفنيس"، وكان كلاٌ من"يربعام" و"هــــــدد" عنده بهدف تعديــــل مجريات الأحداث التى يمكن أن تحدث لمملكة إسرائيل بعد وفاة"سليـمان" وفقآ لرؤيته السياسية الخاصة ،ولـــذلك عاد "يربعام"مؤيَدآ منه،حيث تمكن من قسمة المملكة فى عهد"رحبعام بن سليمان"،بل وتابــــعه "شيشق"بحملة لتدعيم دعائم مملكته الشمالية،من خلال إخضاع المملكة الجنوبـــية،وكسر شوكتها،ونتج عن تلك الحملة أن"شــيشق"أخذ خزائن الهيكل ،وخزائن الملك،وأتراس الذهب الموجودة فى الهيكل،حيث إستعاض عنها"رحبـــــــعام" بأتراس من النحاس.(راجع أخــــــبار الأيام الثانى 12 : 5 – 13 ) .
5فَجَاءَ شَمْعِيَا النَّبِيُّ إِلَى رَحُبْعَامَ وَرُؤَسَاءِ يَهُوذَا الَّذِينَ اجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ مِنْ وَجْهِ شِــــــيشَقَ، وَقَالَ لَهُمْ:«هكَذَا قَالَ الرَّبُّ:أَنْتُمْ تَرَكْتُمُونِي وَأَنَا أَيْضًا تَرَكْتُكُمْ لِيَدِ شِيشَقَ».6فَتَذَلَّلَ رُؤَسَاءُ إِسْرَائِيلَ وَالْمَلِكُ وَقَالُوا: «بَارٌّ هُوَ الرَّبُّ». 7فَلَمَّا رَأَى الرَّبُّ أَنَّهُمْ تَذَلَّلُوا، كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى شَمْعِيَا قَائِلاً: «قَدْ تَذَلَّلُوا فَلاَ أُهْلِكُهُمْ بَلْ أُعْطِيهِمْ قَلِيلاً مِنَ النَّجَاةِ، وَلاَ يَنْصَبُّ غَضَبِي عَلَى أُورُشَلِيمَ بِيَدِ شِيشَقَ، 8لكِنَّهُمْ يَكُونُونَ لَهُ عَبِيدًا وَيَعْلَمُونَ خِدْمَتِي وَخِدْمَةَ مَمَالِكِ الأَرَاضِي». 9فَصَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصـــْرَ عَلَى أُورُشَلِيمَ وَأَخَذَ خَزَائِنَ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنَ بَيْتِ الْمَلِكِ، أَخَذَ الْجَمِيعَ، وَأَخَذَ أَتْرَاسَ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ. 10فَعَمِلَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضًا عَنْهَا أَتْرَاسَ نُحَاسٍ وَسَلَّمَهَا إِلَى أَيْدِي رُؤَســـــــَاءِ السُّعَاةِ الْحَافِظِينَ بَابَ بَيْتِ الْمَلِكِ. 11وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَلِكُ بَيْتَ الرَّبِّ يَأْتِي السُّعَاةُ وَيَحْمِلُونَهَا، ثُــمَّ يُرْجِعُونَهَا إِلَى غُرْفَةِ السُّعَاةِ. 12وَلَمَّا تَذَلَّلَ ارْتَدَّ عَنْهُ غَضَبُ الرَّبِّ فَلَمْ يُهْلِكْهُ تَمَامًا. وَكَذلِكَ كَانَ فِي يَهُوذَا أُمُورٌ حَسَنَةٌ.
13فَتَشَدَّدَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ فِي أُورُشَلِيمَ وَمَلَكَ،لأَنَّ رَحُبْعَامَ كَانَ ابْنَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ ، وَمَلَكَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الرَّبُّ لِيَضَعَ اسْمَهُ فِيهَا دُونَ جَمِــيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَاسْمُ أُمِّهِ نَعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ.
وأقام"يربعام"فى مملكته الشمالية هيكلين آخرين غير الهيكل السليمانى وكان له هدفآ سيــاسيآ وهو المحافظة على ولاء شعب المملكة الشمالية لكيانها الداخلى،بحيث لا يتـــــــفتت هذا الولاء بسبب الإنتماء الدينى للهيكل الذى فى أوروشليم ، التى صارت ضمن مناطق سيادة الــــــــــملك رحبعام ملك يهوذا عليه، وينتج عن ذلك إضطرار الشعب للذهاب لهيكل سليمان، وبذلك يــــكون لديهم الولاء الدينى تجاه المملكة الجنوبية،الذى من الضرورى أن يتحول حتمآ لولاءٍ سياســــى لرحبعام أو وريث مملكة داود .
كان الهيكل الأول بالقرب من حدود المملكة الجنوبية عند"بيت إيل" .
وكان الهيكل الثانى فى منطقة "دان" فى إتجاه الشمال،وصنع هناك عجلين من الذهب وضــــع عجلآ منهما فى بيت إيل والآخر فى دان
.

 راجع الخريطة   وتلاحظ فيها  أن"دان"تقـــــع فى أقصى الشمال ويقع "بــيت إيل"فى الوسط عند منطقة"سبط إفرايم"جوار"سبط دان"وأن هناك فارق بين إسم "دان" كمدينة وبين منطقة سكن سبط "دان".


لقد كان الخطر الأول الذى واجه المملكة الشمالية فى أيام حكم"يربعام بن نباط"هــو الـــــعداوة الطبيعية التى نشأت بينه وبين"رحبعام"ملك يهوذا،بالإضافة لتبعات التبعية والتحــالف مع ملك مصر"شيشق".
وكان غزو"شيشق" فى بداية حكم الملك"رحبعام"سببآ من أسباب عجزه – رغم أنه الوريـــث الشرعى لعرش داود وسليمان-عن مقاومـــة التمرد والإنفصال الذى خطط له"يربعام بن نباط" ،رغم أن هجوم"شيشق"كان فى ظاهـــِرِهِ هجومآ على منطقة إسرائيل بكاملها،ولكنه أمعن فى إذلال المملكة الجنوبية،وتعريـة الهيكل عن المجد الذى كان يتباهى به الشعب ويؤدى لتــــعميق جذور ولائهم لكرسى مملكة داود وسليمان فقد كـان يثير إعجاب وفخر المواطنين به،وكان"أبيا بن رحبعام"هو الذى تولى محاولة إخضـاع المملكة الشمالية بعد وفاة"رحبعام"والده، ولــــكن "يربعام"هزمه بالرغم من أن"أبيا"تمكَّن من إسترداد كامل الأراضى التى كانت تخص ســــبط "يهوذا"،وكان"يربعام"قد إستولى عليها من ذى قبل .
أما الخطر الثانى الذى كان يواجهه فقد كان يتمثل فى المملكة الآرامية التى كانت تـــــــقع شمال شرق مملكته،وله حدود مشتركة مع تلك المملكة الشمالية.
 لقد كانت أطماع"بنهدد بن طبريون"ملك آرام شديدة لتوسيع رقعة مملكته، فقد تحالف معه أبيا بن رحبعام ضد مملكة الشمال، وبعد وفاة"ناداب بن يربعام"- الذى لم تمتد فترة حكمه أكثر من سنتين- قتله بعدها"بعشا"وإستولى على حكم المملكة،ولكن الملك"آسا"حفيد"رحبعام"قام برشوة"بنهدد"بالفضة والذهــــب وتذكيره بالتحالف بينه وبين والده"أبيا بن رحبعام"لمحاربة المملكة الشمالية لحـسابه، مما أدى لتوقف الملك"بعشا"عن بناء مدينة"الرامــــــــة"التى كان يريدها كمدينة حدودية يمكن من خلالها التحكم فى المرتحلين تجاه مملكة يهوذا لهيكل سلــيمان ، وفى نفس الوقــــت يمنع أى مؤامرة على حكمه تأتى إليه وافدة من المملكة الجنوبية ، فيكون قادرآ على منع ذهاب او زيارة أى مواطن شمالى لمملكة الجنوب،وفى نفس الوقت يتمـــكن من منع طلائع أى هجوم يكون من المحتمل أن يرســــله ملوك "يهوذا"(راجع أخبار الأيام الثانى 16: 1- 6 ).
1فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا صَعِدَ بَعْشَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا، وَبَنَى الرَّامَةَ لِكَـيْلاَ يَدَعَ أَحَدًا يَخْرُجُ أَوْ يَدْخُلُ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا. 2وَأَخْرَجَ آسَا فِضَّةً وَذَهَبًا مِنْ خَزَائِنِ بَيْتِ الــــــرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنْهَدَدَ مَلِكِ أَرَامَ السَّاكِنِ فِي دِمَشْقَ قَائِلاً: 3«إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ أَبِــي وَأَبِيكَ عَهْدًا. هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ لَكَ فِضَّةً وَذَهَبًا، فَتَعَالَ انْقُضْ عَهْدَكَ مَعَ بَعْشَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فَيَصْعَدَ عَنِّي». 4فَسَمِعَ بَنْهَدَدُ لِلْمَلِكِ آسَا، وَأَرْسَلَ رُؤَسَاءَ الْجُيُوشِ الَّتِي لَهُ عَلَى مُدُنِ إِسْرَائِيلَ، فَضَرَبُـــوا عُيُونَ وَدَانَ وَآبَلَ الْمِيَاهِ وَجَمِيعَ مَخَازِنِ مُدُنِ نَفْتَالِي. 5فَلَمَّا سَمِعَ بَعْشَا كَفَّ عَنْ بِنَاءِ الرَّامَةِ وَتَرَكَ عَمَلَهُ. 6فَأَخَذَ آسَا الْمَلِكُ كُلَّ يَهُوذَا، فَحَمَلُوا حِجَارَةَ الرَّامَةِ وَأَخْشَابَهَا الَّتِي بَنَى بِهَا بَعْشَا، وَبَنَـــــى بِهَا جَبْعَ وَالْمِصْفَاةَ.
 فكانت الفترة التالية لعام 900 ق. م تقريبآ اى بعد حكم"يربعام"لإسرائيل بنحو ثلاثين عـــــامآ تقريبآ،كانت فترة من ذلك الصراع الثلاثى بين مملكة "يهوذا"أى المملكة الجنــــوبية و"آرام" و"إسرائيل"أى المملكة الشمالية ،رغم أن"يربعام"نفسه لم يبقى فى الحكم سـوى 20 عامآ.
أما الخطر الثالث فقد كان هو إنعدام وجود الأساس الشرعى والدينى الذى كان يحكم إختيار ملك إسرائيل،فبينما ساد نظام التوريث لعرش داود فى"مملكة الجنوب"أو"يهوذا"،كان"يربعــــام" ثائرآ على ذلك الحكم فانفصل عنه مما أعطى مسوغآ تاريخيآ – للثوار من بعده – ضد مــــــلوك "إسرائيل"من خلال الفتن والدسائس والمكائد للإستيلاء على عرش المملكة، فكما رأينا فـــــى حالة"بعشا"الذى قام بقتل حفيد"يربعام"فتولى المملكة من بعده،فقد كان"عُمرى"فيــــــما بعد مؤسسآ لأسرة ملكية إقتنص الحكم فيها"عُمرى"من"بعشا"بعد قتله عام 880 ق. م تقريبآ، وحول الحكم إلى حكم وراثى فى عائلته فتولى من بعده"آخاب بن عمرى"874 – 853 ق. م تقريبآ ثم"أخزيا بن آخاب بن عمرى"853 – 852 ق . م فتملكت هذه الأسرة العرش زُهـــــاء نحو أربعٍ وأربعين عامآ،تلتها أسرة"ياهو"لمدة 89 عامآ من حوالى عام 841 – 752 ق.م،الذى قام بقتل"أخزيا بن آخاب بن عمرى"وأنهى حكم هذه الأسرة ليؤسس لبداية حـــــــكم جديد لأسرته، حيث ملك"ياهو"حوالى 37 عامآ ثم إبنه"يهوآحاز"6 سنوات ثم"يهــــواش بن يهوآحاز" 16 سنة ثم"يربعام الثانى بن يهواش بن يهوآحاز بن ياهو" 29 سنة،وأخرها كــان "زكريا بـن يربعام الثانى بن يهواش بن يهوآحاز بن ياهو"لمدة سنة واحدة.
أما بخصوص النبى"أخيا الشيلونى"الذى كان قد تنبأ ليربعام بن نباط  بتملكه على المنــــــطقة الخاصة بملكية عشرة أسباط من جملة الإثنى عشر سبطآ، فقد كانت نبوته بمثابة تحــــــــــــفيز وتشجيع ليربعام على التخطيط لإنفصاله وتبوءه مكانة الملك من بعد، ولم تكن تلك النبوة بريئة تمامآ من وجود هوى وميل فى قرارة عقل وقلب هذا النبى .
لقد كان هذا النبى ينتمى لفريق الأنبياء الذين ينتمون إلى"شيلوه"وفـــــــــى "شــــــيلوه"كانت خيمة الإجتماع قبل بناء"سليمان"للهيكل،فقد أفقد الهيكل بهاء"شيلوه"وصار بديلآ لها، وكـان "يربعام"قويآ فى بِنيَتِهِ وفى شخصيته، مما دعا"سليمان"لمحاولة القـضاء عليه، فــــــــــهرب "يربعام"إلى مصر،ومن هناك أعد خطة إستيلائه على العرش،بل تأثر بعبادة المصريين وكــان هذا جليآُّ واضحآُّ من خلال صنعه لعجلين ذهبيين بقصد عبادتهما فى"بيت إيل"وفى"دان" .
ويُـعتبَر أنبياء "شيلوه" بما كانت لديهم من نظرة سلـــــــــفية تجاه خيمة الإجتماع هم المصدر الأساسى الذى من خلاله نشأت الديانة السامرية فيما بعد .
لقد حذر النبى"شمعيا""رحبعام"وأشار عليه بالرد الهين على مكيدة يربعام لكن رد"رحبعـام" حول"يربعام"لبطل قومى،فتمكن من حشد قوى شعبية هائلة ضده،بل قام بعد ذلك ببناء مدينتى "شكيم"و"بيت
إيل"وعمل عيدآ للإحتفال فى هيكله الذى أنشأه،وأقام له كهنة مخــتصين بشأن تلك العبادة،مما أدى لتفتت الرابطة الأيديولوجية التى كانت تجمع بين الأســــــــباط الأثنى عشر وسعى بذلك العمل على إنهاء عصر الإنتماء للعبادة فى الهيكل السليمانى،وبالتالى القضاء على عاطفة الخضوع للملك المتناسل عن"سليمان بن داود"الذى أقام ذلك الهيكل.
والواقع أن الكهنة اللاويون والأنبياء بذلك وقعوا فى مأزق حرج بين الولاء لمن توسموا فــــيه الأمل بأنه سيقوم بإرجاع سلطتهم المفقودة إليهم-بسبب بناء الهيكل-فكان ولائهم لمـــــكانهم أو موقع مدينتهم أسبق من عودتهم لولائهم الدينى،ولكن بعد إكتشافهم لإستحالة العودة بمكانــتهم للصدارة فصار الحسم بين الولاء ليربعام أو رحبعام محسومآ فيما بعد،بغلبة الولاء الدينى للهيكل على توجهاتهم بالإعتداد بشيلوه،المكان السابق لخيمة الإجتماع  .
فهذا التغيير فى العبادة لم يعجب الأنبياء الذين تنبأوا له بالمُلك طمعآ فى عودة الإنتماء لــشيلوه  ولما لم يحدث ما كانوا يطمعون فيه فضلوا عليه غريمه"رحبعام"، فها هو رجل الله (المجـهول الإسم) يتنبأ بزوال الممـــلكة عن بيت"يربعام بن نباط"راجع سفر الملوك الأول 13 : 1 ،وبأن مذابح"يربعام"سوف تنهدم على يــد ملك قادم سليل لأسرة"داود"،.......وكان هذا الموعود له هو"يوشيا"الملك من بعد ذلك .
وكان النبى الآخر وهو"أخيا الشيلونى"الذى سبق له أن تنبأ بمُلك"يربعام"ولكنه فيــــــــما بعد
يعود ليتنبأ لإمرأة"يربعام"بموت إبنها"أبيام"وزوال المُلك من بيت"يربعام".
هذا التحول فى الولاء والإنتماء لدى أنبياء شيلوه كان سببه التغير فى نظام العبادة الذى فرضه يربعام على الشعب ، وبنائه للهيكلين ،وإستعارته لطقوس وثنية داخل تلك الهياكل ، وكان هــذا هو خطأ يربعام الذى لا يـُـغتفـَر لأنه يختلف عن الأيديولوجية التى كان يتبناها هؤلاء ا
لأنبياء.
والجدير بالذكر أن"يربعام بن نباط"هو إبن إبنة عم"رحبعام"ملك يهوذا حيث أن أم يربـعام  كانـت "معكة"إبنة "أبشالوم"( حفيدة داود الملك وفى نفس الوقت حفيدة "تلماى"ملك جشور ( إحدى ممالك آرام ) فهى إبنة إبنته التى كان لها نفس الإسم "معكة" زوجة داود الملك ) وكان أبشالوم والدها فى نفس الوقت شقيقآ لــ"سليمان"الملك والد "رحبعام" ، وبذلـــــك كان "رحبعام"هو أحد أخواله.
 أما"ناداب بن يربعام"فقد خانه"بعشا"وقتله،وإغتصب منه الحكم،وقتل كل الرجال الذيـــن من بيت"يربعام"ليأمن عدم مطالبة وريث فيما بعد بمكانة"يربعام"،ونلاحظ أنه بالرغـــــــم من أن النبى كان قد تنبأ بزوال بيت"بعشا"،إلا أن العرش من بعده قد أل إلى ابنه"إيلة"الذى فــــــــتن عليه"زُمرى بن سالو"وهــــو أحد قادة جيشه،وقتل كذلك كل بيت بعشا،وحكم البلاد لمدة سبعة أيام،ولكن إختار الـــشعب "عُمرى"،فكان مصير"زُمرى"الإنتحار حرقآ بالنار فى قصره،وهكذا تغلب"عُمرى"عـــلى كل منافسيه وأسس أسرة جديدة لحكم إسرائيل. راجع ملوك الأول 16 : 17، 22
17وَصَعِدَ عُمْرِي وَكُلُّ إِسْرَائِيلَ مَعَهُ مِنْ جِبَّثُونَ وَحَاصَرُوا تِرْصَةَ. 18وَلَمَّا رَأَى زِمْرِي أَنَّ الْمَدِينَةَ قَدْ أُخِذَتْ، دَخَلَ إِلَى قَصْرِ بَيْتِ الْمَلِكِ وَأَحْرَقَ عَلَى نَفْسِهِ بَيْتَ الْمَلِكِ بِالنَّارِ،فَمَاتَ19مِنْ أَجْلِ خَطَايَاهُ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا بِعَمَلِهِ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ،وَسَيْرِهِ فِي طَرِيقِ يَرُبْعَامَ، وَمِنْ أَجْلِ خَطِيَّتِهِ الَّتِي عَمِلَ بِجَعْلِهِ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ.   20وَبَقِيَّةُ أُمُورِ زِمْرِي وَفِتْنَتُهُ الَّتِي فَتَنَهَا، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ؟
21حِينَئِذٍ انْقَسَمَ شَعْبُ إِسْرَائِيلَ نِصْفَيْنِ، فَنِصْفُ الشَّعْبِ كَانَ وَرَاءَ تِبْنِي بْنِ جِينَةَ لِتَمْلِيـــــــكِهِ، وَنِصْفُهُ وَرَاءَ عُمْرِي.   22وَقَوِيَ الشَّعْبُ الَّذِي وَرَاءَ عُمْرِي عَلَى الشَّعْبِ الَّذِي وَرَاءَ تِبْنِـــــــي بْنِ جِينَةَ، فَمَاتَ تِبْنِي وَمَلَكَ عُمْرِي
وأوجد"عُمرى"عاصمة جديدة للبلاد وهى"السامرة"وسعى لتعميق صلته بالموآبيــــــين شرق البحر الميت،كذلك عمل على تقوية الروابط مع فينيقية،بل قام بمصاهرة أمراء فينيقية بتزويــج إبنه"آخاب"من"إيزابل"،وهى أميرة فينيقية،إبنة"إثبعل"ملك الصيدونيين ( راجع ملوك الأول 16 : 31 )
31وَكَأَنَّهُ كَانَ أَمْرًا زَهِيدًا سُلُوكُهُ فِي خَطَايَا يَرُبْعَامَ بْنِ نَبَاطَ، حَتَّى اتَّخَذَ إِيزَابَلَ ابْنَةَ أَثْبَعَلَ مَـــــــلِكِ الصِّيدُونِيِّينَ امْرَأَةً، وَعَبَدَ الْبَعْلَ وَسَجَدَ لَهُ.
كما نجح هذا الملك"آخاب"فى إقامة علاقة مع مملكة يهوذا،وكان أثر ما قام بــه هو إســتمرار وجود ذلك الإرتباط لمدة 80 سنة تالية،وكانت هذه هى أطول فترة قامت فيها علاقـــــــــات بين المملكتين المنقسمتين.
وكان هذا الزواج السياسى الذى تبناه"عُمرى"بمصاهرة ملك الصيدونين ، وإســـتمرار أثر هذا التزاوج بالطبع فى عهد آخاب الملك نفسه، له كبير الأثر على رواج التجارة بين إســـــرائيل أى "المملكة الشمالية"وبين"فينيقية"فقد كان لتلك التجارة وهذه العلاقة عائد وفير من الناحـــــية الإقتصادية، ولكنه كان فى ذات الوقت له تأثير سىء على وجه النقيض، على تدنى وإضــمحلال قوة المعتقدات الدينية الإسرائيلية، بل أدت بهم هذه الحالة لتبنى عبادة"البعليم"(وهى صــــيغة جمع لإسم البعل)وهو الذى كان معبودآ لدى الصيدونيين، وكانت"إيزابل"المـــلكة تقود بنفسها هذا الإنحراف الدينى عن التراث الذى ورثه الشعب الإسرائيلى.
وتولى"إيليا التشبى"النبى وهو من مستوطنى جلعاد والتعبير الكتابى "مستوطنى" يفيد أنه لم يكن فى الأساس ينتمى لهذا السبط الذى كان يسكن شمالآ فى مملكة إسرائيل راجع(ملوك الأول 17 : 1) ، كما تولى فى الوقت ذاته مهمة الدفاع عن المخلصين لعبادة يهوه أمثال"نابـــــــوت اليزرعيلى"وتنبأ بزوال حكم أسرة"عُمرى"بحسب أمر الرب له حيث قام بمسح "ياهو بـــــــن نِمشى" وسلم القيادة من بعده بحسب أمر الرب له لخليفته"إليشع"الذى حمل لواء محاربة ذلك الفكر الدينى الدخيل (ملوك الأول 19 : 13 – 17 ).
13فَلَمَّا سَمِعَ إِيلِيَّا لَفَّ وَجْهَهُ بِرِدَائِهِ وَخَرَجَ وَوَقَفَ فِي بَابِ الْمُغَارَةِ، وَإِذَا بِصَوْتٍ إِلَيْهِ يَقُولُ: «مَــا لَكَ ههُنَا يَا إِيلِيَّا؟» 14فَقَالَ: «غِرْتُ غَيْرَةً لِلرَّبِّ إِلهِ الْجُنُودِ، لأَنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ تَرَكُوا عَـــــهْدَكَ، وَنَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ، فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي، وَهُمْ يَطْلُبُونَ نَفْسِي لِيَأْخُذُوهَا». 15فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبْ رَاجِعًا فِي طَرِيقِكَ إِلَى بَرِّيَّةِ دِمِشْقَ، وَادْخُلْ وَامْسَحْ حَزَائِيلَ مَلِكًا عَـــــلَى أَرَامَ، 16وَامْسَحْ يَاهُوَ بْنَ نِمْشِي مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَامْسَحْ أَلِيشَعَ بْنَ شَافَاطَ مِنْ آبَلَ مَحُولَةَ نَبِيًّا عِوَضًا عَنْكَ. 17فَالَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ حَزَائِيلَ يَقْتُلُهُ يَاهُو، وَالَّذِي يَنْجُو مِنْ سَيْفِ يَاهُو يَقْــــــــتُلُهُ أَلِيشَعُ.
ويتضح من النص أن أمر الله لإيليا بخصوص تولية"حزائيل" ملكآ على آرام، أن هذا يفــــــــيد وجود آرام فى خطة الله الخاصة بشعبه، ولا سيما وقد كانت أسرة"بنهدد بن طبريون"ملك آرام وافدة من مملكة إسرائيل فى أيام داود وتمكنت من إحكام سيطرتها على مملكة آرام.
 ويتضح من قصة نعمان السريانى وكيف أرسله"حزائيل"ملك آرام ليستشفى فى إسرائيل مدى تغلغل سيطرة الفكر الدينى المتقارب بين آرام وإسرائيل فى ذلك الوقت(ملوك الثاتى5 : 5 ، 6).
5فَقَالَ مَلِكُ أَرَامَ: «انْطَلِقْ ذَاهِبًا، فَأُرْسِلَ كِتَابًا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ». فَذَهَبَ وَأَخَذَ بِيَدِهِ عَشَرَ وَزَنــَاتٍ مِنَ الْفِضَّةِ، وَسِتَّةَ آلاَفِ شَاقِل مِنَ الذَّهَبِ، وَعَشَرَ حُلَل مِنَ الثِّيَابِ. 6وَأَتَى بِالْكِتَابِ إِلَى مــــــــــَلِكِ إِسْرَائِيلَ يَقُولُ فِيهِ: «فَالآنَ عِنْدَ وُصُولِ هذَا الْكِتَابِ إِلَيْكَ، هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ إِلَيْكَ نُعْمَانَ عَبْـــــــدِي فَاشْفِهِ مِنْ بَرَصِهِ».
وبالرغم من ذلك فقد ظل الصراع قائمآ بين"دمشق"عاصمة مملكة"آرام"وكل منــــــــــــــطقة "إسرائيل" و"يهوذا"طوال مدة حكم"عُمرى"وأسرته- بإستثناء تلك السنوات القلائـــــل التى تمكن فيها آخاب من إغراء"دمشق"والدويلات المجاورة لضمهم معآ فى تحالف حربى لمجابهة خطر"المملكة الأشورية"الصاعدة على الممالك من الشرق- حيث نجح هذا التحالف من صـــــد هذا الخطر وهزيمة"شلمناصر الثالث"فى معركة"كركر"فى"أورنتِس
Orontes "عام 853  ق . م والتى كان من أهم نتائجها، توبة"شلمناصر"عن الإغارة مرة أخرى على كافة المــناطق التى تقع غرب مملكته، مما جعل"إسرائيل"و"آرام"فى آمان بعيدآ عن مطامعه، ولكن بمــجرد نهاية تلك الحرب عاد العداء القديم بين"آرام"و"إسرائيل"اللتين كانتا قد تعاهدتا معآ من قـــبل وقت الخطر الأشورى .
وكان ملك"يهوذا"هو الذى سبق فى الأصل بإستئجار ملك"آرام"ليحارب"إسرائيل".
وإنتهى حكم بيت"عُمرى"على يد"ياهو"بثورته ضد"يهورام"ملك"إسرائيل"عام 841 ق.م سليل أسرة"عُمرى"وتلا ذلك القضاء على عبادة"البعل"، وكانت هذه الثورة بتأييد من"إليشع بن شافاط"النبى الذى من"آبل محولة"، وقد كانت لدى"إليشع"أسبابه القوية التى دعــته لهذا التأييد ضد حكم أســـرة"عُمرى" .
ولكن كان أثر هذه الثورة على المجال الإقتصادى لإسرائيل وخيمآ ، فقد أدت لقطع العلاقات بين "إسرائيل" و"فينيقية"، وبذلك أصاب الدولة الضعف فى مواجهة"آرام"، بل كانت البلاد  مدة الأربعين سنة الأولى من هذا الحكم بعد التحرر من حكم أسرة"عُمرى"، مثقلة بالمتاعب ، لــــم يُستثنى منها سوى الأجزاء الواقعة عبر الأردن فى إتجاه الشرق حيث مملكة"آرام"فى الجــوار (التى عاصمتها"دمشق"وهى واحدة من عدة ممالك آرامية راجع الجزء الثانى صفحة 31 ) ، رغم وقوع أجزاء أخرى من المملكة ، خاصة شمالآ تواجه خطرآ من آراميون آخرون يختلفون عن أولئك الذين مملكتهم لجهة الشرق، وكان آراميون الشمال يهاجمون"وادى يزرعيل"، ولم تتمكن القوة الحربية للإسرائيلين من صد هجومهم أومنعهم من التغلغل لإحتلال بعض الأجــزاء جنوبآ داخل المملكة الشمالية ، خصوصآ تلك التى على شاطىء البحر الكبير(البحر المتوســـط) حتى وصل الآراميون إلى "جت" .
لكن بينما كان الإسرائيليون يُعِدون العُدةَ للقيام بعمل إنتحارى لصد هذا الخطر المُتَفاقم، تصادف أن قرر ملك"آشور""هدد نيريرى الثالث
Adad Nirari III"803 ق. م مهاجــمته لسوريا (أى) للقوى الآرامية، مما دعا الآراميون للإنسحاب فإستراحت مملكة إسرائيل من عــــــــــبء مواجهتهم ومحاربتهم ، وعادت المملكة الإسرائيلية لممارسة نشاطها الإقتصادى.
وخلال هذه السنوات الطوال من المعاناة، كان فى إسرائيل رجل رئيسى، ثبت على مبادئــــــــــه الأخلاقية، وثقته فى ديانته، وولائه الكامل لعبادة الإله يهوه، ذلك الرجل كان النبى"إليــــشع بن شافاط"، فإليه يوجه الملك"يوآش"قوله«يَا أَبِي، يَا أَبِي، يَا مَرْكَبَةَ إِسْرَائِيلَ وَفُرْسَانَهَا»(.ملـوك الثانى 13 : 14 )مما يدل على شدة تأثير وفاعلية هذا النبى، رغم أن الملك يوجه خـــطابه إلى إليشع بينما كان"إليشع"على فراش المرض قرب موته، وقد كانت إسرائيل فى حالة إنـــــتصار على آرام أثناء حياته، وكما توقع للملك "يوأش"فإن نصرآ آخر كان على وشك الحـــــــــــدوث لمملكة إسرائيل ضد مملكة آرام.
وكانت بداية القرن الثامن قبل الميلاد بداية لعهد عودة الجاه والغنى لإسرائيل، ولا ســيما أثناء فترة حكم"يربعام الثانى"الملك الرابع من أسرة"ياهو"حيث لم تكن مملكة إسرائيل ولا مــملكة "يهوذا"تواجهان أى تهديد من قوى خارجية، فقد كانت"آرام"قد أنهكتها حروبها مع آشور"، وبذلك تمكن"يربعام الثانى"من ترميم حصونه ورفع معدل زيادة التروة القومية فى بلاده.
ولكن هذا المعدل للثروة القومية الذى إرتفع لم يكن معناه رفع مستوى عامة الشعب إقتصـــاديآ ولكن كانت معظم الثروة القومية ،(وقد كانت ضخمة) لم تكن فى أيدى عامة الشعب، ولكن فــى أيدى فئات قليلة أثرت على حساب المطحونين من أبناء الأمة، هؤلاء الذين صاروا يعـــــــملون كخدم لجيرانهم الأثرياء نظير أجور زهيدة،مما جعل المجتمع ينقسم إلى شريحتين، هما الأغنياء جدآ مقابل الفقراء جدآ، هذا الإنقسام هو الذى دعا الأنبياء أمثال"عامـــــوس"و"هــــــــوشع" و"ميخا"، أن تكون كتاباتهم مهتمة بمهاجمة هذا الظلم الإجتماعى، وإعتبر هؤلاء الأنبياء هذه الدعوة من صميم واجباتهم الدينية والروحية.
وعلى سيبل المثال نجد النبى ميخا الذى عاش بالفترة التى تقع بين عامى 756 – 697 ق . م يقول : 1وَيْلٌ لِلْمُفْتَكِرِينَ بِالْبُطْلِ، وَالصَّانِعِينَ الشَّرَّ عَلَى مَضَاجِعِهِمْ! فِي نُورِ الصَّبَاحِ يَفْعَلُونَهُ لأَنَّهُ فِي قُدْرَةِ يَدِهِمْ. 2فَإِنَّهُمْ يَشْتَهُونَ الْحُقُولَ وَيَغْتَصِبُونَهَا، وَالْبُيُوتَ وَيَأْخُذُونَهَا، وَيَظْلِمُونَ الرَّجـــــــُلَ وَبَيْتَهُ وَالإِنْسَانَ وَمِيرَاثَهُ. 3لِذلِكَ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «هأَنَذَا أَفْتَكِرُ عَلَى هذِهِ الْعَشِيرَةِ بِشَرّ لاَ تُزِيلــُونَ مِنْهُ أَعْنَاقَكُمْ، وَلاَ تَسْلُكُونَ بِالتَّشَامُخِ لأَنَّهُ زَمَانٌ رَدِيءٌ.(ميخا 2 : 1 – 3 ).
وما أن حلَّ عام 745 ق . م حتى إنتهت أسرة"ياهو"كما بدأت من خلال ثورة بعد حكم"زكــريا بن يربعام الثانى بن يوآش بن يهوآحاز بن ياهو"، وكان زكريا بن يربعام الثانى قــــد ملك لمدة عام واحد وتمت الإطاحة به بواسطـة  ثورة قام بها"شلوم بن يابيش"ملوك الثانى 15 : 10 "10فَفَتَنَ عَلَيْهِ شَلُّومُ بْنُ يَابِيشَ وَضـَرَبَهُ أَمَامَ الشَّعْبِ فَقَتَلَهُ"ولكن "شلوم"لم يملك سوى بضعة أيام فقد قام ضده"مناحـــيم بن جــادى" الذى من السامرة بثورة أطاحت به(راجع ملوك الثانى 15 : 14"14وَصَعِدَ مَنَحِيمُ بْنُ جَادِي مِنْ تِرْصَةَ وَجَاءَ إِلَى السَّامِرَةِ، وَضَرَبَ شَلُّومَ بْنَ يَابِيــشَ فِي السَّامِرَةِ فَقَتَلَهُ، وَمَلَكَ عِوَضًا عَنْهُ ). وكان" مناحيم"هو الملك الذى ما أن إستتب به المـُقام على عرش مملكة إسرائيل حتى شـــــرع  فى مغازلة ملك آشور بدفع جزية ضخمة جعلته يأمن من شر هجومه، ولكنه توفى بعد عــــشرة أعوام من الحكم ليرثه على عرش"مملكة إسرائيل" إبنه"فقحيا"لمدة عامين فقط قام بعـــــــدها ضده"فقح بن رمليا"عام 736 ق . م تقريبآ بثورة أطاحت به وظل يحكم المملكة من عام 736 حتى 732 ق . م.
ولما تأخر "فقح"عن سداد الجزية التى إتفق عليها "مناحيم" مع "ملك آشور" بسبب تحالف كان قد بدأ فى عمله مع ملك "مملكة دمشق الآرامية" ضد "مملكة يهوذا" وضد سلطة "ملك آشور"، إستغاث بسبب هذا التحالف"ملك يهوذا"بحليفه"ملك آشور"ففوجىء"ملك إسرائيل" بهجـــوم "ملك آشور"وإحتلاله لبعض المناطق من مملكته وسبى أهل تلك البلـــــدان التى قام بإحتلالها إلى آشور (راجع ملوك الثانى 15 : 29 "29فِي أَيَّامِ فَقْحٍ مَلِكِ إِسْــــرَائِيلَ، جَاءَ تَغْلَثَ فَلاَسِرُ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَخَذَ عُيُونَ وَآبَلَ بَيْتِ مَعْكَةَ وَيَانُوحَ وَقَادَشَ وَحَاصُورَ وَجِلْعَادَ وَالْجَلِــيلَ وَكُلَّ أَرْضِ نَفْتَالِي" وبذلك قام ملك آشور"تغلاتفلاسر الثالث"بإخضاع مملكة إسرائيل وجعلها تحت الجزية، وأباد "ملك آشور"ذلك التحالف وقضى عليه، وتحولت مملكة إسرائيل إلى مجرد دولة منهزمة تدفع الجزية .
كما قام"تغلاتفلاسر"بسبى السكان الأصليين للبلاد التى قام بإحتلالها من"مملكة إسرائـــــــيل" ونفاهم وقام بتوطينهم فى منطقة"عيلام"وأتى"تغلاتفلاسر"وخلفاؤه، للسكن بدلآ منهم فى تلك البلاد ،بعيلاميون وأمم أخرى، وكان الحكام الذين يحكمونهم فى المناطق التى تم إقتطاعــها من "مملكة إسرائيل"من الآشوريون الذين يعينهم ملك آشور(راجع الجزء الثانى صفحة 63 ).
حتى"ملك إسرائيل"التى صارت مملكته واقعة تحت الجزية كان"ملك آشور"هو الذى يخــتاره وكان آخرهم هو"هوشع بن إيلة"الذى حاول التمرد على"ملك آشور"بمحاولة الإتفاق مــــــع "ملك مصر"فحاصر ملك آشور السامرة ثلاث سنوات إنتهت بالقبض على هوشع وســــــــجنه وأسر الشعب وقام بترحيلهم إلى مناطق تابعة لمملكة الميديين أو"مادى"(ملوك الثانى 17 :4 – 6 " 4وَوَجَدَ مَلِكُ أَشُّورَ فِي هُوشَعَ خِيَانَةً، لأَنَّهُ أَرْسَلَ رُسُلاً إِلَى سَوَا مَلِكِ مِصْرَ، وَلَمْ يـــــــــُؤَدِّ جِزْيَةً إِلَى مَلِكِ أَشُّورَ حَسَبَ كُلِّ سَنَةٍ، فَقَبَضَ عَلَيْهِ مَلِكُ أَشُّورَ وَأَوْثَقَهُ فِي السِّجْنِ. 5وَصَعِدَ مــــَلِكُ أَشُّورَ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ، وَصَعِدَ إِلَى السَّامِرَةِ وَحَاصَرَهَا ثَلاَثَ سِنِينَ. 6فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ لِهُوشَـعَ أَخَذَ مَلِكُ أَشُّورَ السَّامِرَةَ، وَسَبَى إِسْرَائِيلَ إِلَى أَشُّورَ وَأَسْكَنَهُمْ فِي حَلَحَ وَخَابُورَ نَهْرِ جُوزَانَ وَفِي مُدُنِ مَادِي") وكان ذلك حوالى عام 721 ق . م(راجع الجزء الثانى صفحة 57 ).
 وصار حكام السامرة ذاتها من الآشوريين ونقل إليها سكان من مناطق بابلية(راجع مــــــــلوك الثانى 17 : 24 24وَأَتَى مَلِكُ أَشُّورَ بِقَوْمٍ مِنْ بَابِلَ وَكُوثَ وَعَوَّا وَحَمَاةَ وَسَفَرْوَايِمَ، وَأَسْكَنَهُمْ فِي مُدُنِ السَّامِرَةِ عِوَضًا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَامْتَلَكُوا السَّامِرَةَ وَسَكَنُوا فِي مُدُنِهَا).
وفى السجلات الأشورية بلغ عدد المسبيين من السامرة27 ألف و290 مسبيآ .

هناك تعليق واحد: